[flash]الحديث الشريف
الحديث الشريف هو ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو قام به من عمل أو أقر بما قيل أو عُمل أمامه صلى الله عليه وسلم. والأثر هو ما روي عن الصحابة من وصف لخلق الرسول صلى الله عليه وسلم أو عمل من أعماله.
والحديث النبوي الشريف هو المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم، وهو المبيِّن للقرآن العظيم فكثير مما ورد في القرآن يوضحه الحديث مثل الصلاة والزكاة، فلولا الحديث الشريف لما استطعنا أن نقف على كيفية الصلاة أو إنفاق الزكاة.
بلاغته:
هناك اتفاق تام على أن الأحاديث المتواترة والمروية بألفاظها عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي آية في الفصاحة والبلاغة وقمة في البيان، فكثير من هذه الأحاديث تجمع المعنى الكثير تحت اللفظ القليل.
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي صالحاً أمرها ما لم تر الأمانة مغنماً والصدقة مغرماً" فتحت هذا اللفظ القليل المعنى الكثير، فمتى ساءت أمور المسلمين وأصبحوا لا يؤدون الأمانة وينظرون إلى الزكاة على أنها تنقص أموالهم فهم لا يؤدونها إلا خوفاً من الجباة، إذا وصلت أمور المسلمين إلى هذا الحد فقد فسدتْ أمورهم. وأسلوب هذا الحديث أسلوب مختصر مسجوع. وقوله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت فسلم" فهذا الحديث يشتمل على معان كثيرة لو أردنا أن نشرحها لطال بنا الكلام ولكن إذا تذكرنا أن اللسان هو الذي يجني على الإِنسان عرفنا فائدة هذا الحديث.. وللسجع أثر واضح في أسلوبه فقد أسهم في تأثيره في من يستمع إليه أو يقرؤه.
والذين يستمعون إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يؤخذون بروعة البيان ودقة التعبير وسلامة الألفاظ وجودة العبارة، فلا هو الأسلوب المعمى ولا المبتذل السوقي، وإنما يتدفق من فيه صلى الله عليه وسلم كالسيل المتحدر في مجراه بدون جلبة ولا ضوضاء، تحيطه روحانية النبوة وتسبكه عبارات أفصح العرب صلى الله عليه وسلم، وخير شاهد على ما نقول هو قوله صلى الله عليه وسلم "إن أحبَّكم إلي وأقربكم مني مجالسَ يومَ القيامةِ أحاسنُكم أخلاقاً الموطَّئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون. وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني مجالسَ يوم القيامة الثرثارون المتفيهقون"[1] ولا غرو أن يتصف أسلوبه صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فالنبي صلى الله عليه وسلم ينتمي إلى أفصح القبائل العربية وهي قبيلة قريش وقد تربى في بني سعد، وقد سأله أَبو بكر رضى الله عنه بقوله: لقد طفت في أحياء العرب فلم أسمع من هو أفصح منك فمن أدّبَك؟ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم: "أدبني ربى فأحسن تأديبي"[2].
وقد كانت الوفود تفد على النبي صلى الله عليه وسلم فتستمع إليه فيعودون إلى بلادهم وهم مأخوذون بروعة بيانه وجودة ألفاظه. وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب كل وفد بما يعرف من لهجته التي اعتاد عليها ولا شك أن هذا نوع من البلاغة؛ فمخاطبة الناس بما يعرفون هي البلاغة الحقة؛ فالبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته. والرسول صلى الله عليه وسلم وإن خاطب هؤلاء بغير لغة قريش فإنه يوضح لهم الإِسلام باللغة التي يفهمونها. وبلاغة الأحاديث النبوية شهد لها المسلمون عامة بأنها تأتي في الدرجة الثانية بعد بلاغة القرآن.
أثره في اللغة والأدب:
النبي صلى الله عليه وسلم ينتسب إلى قريش وتربى في بني سعد فأخذ اللغة صافية من منابعها، فكان لفظه صلى الله عليه وسلم يمثل نقاوة اللغة وخيار ألفاظها، وقد تناقل الصحابة أحاديثه الشريفة فتأثروا بها ثم خرجوا للجهاد فنشروها في أرجاء المعمورة فتنوقلت الأحاديث من قبل المسلمين في العراق والشام ومصر وخراسان وغيرها من البلاد.
وقد أسهم الحديث بجانب القرآن الكريم في نشر اللغة العربية وتعليمها للمسلمين من غير العرب لأنهم أصبحوا يحفظون الأحاديث. ثم نشأت الدراسات المعتمدة على الحديث من شرح له وتوضيح غريبه والبحث في رجال سنده وتلك الدراسات وسعت دائرة اللغة في الاشتقاق وشرح الغريب بلفظ مرادف وتوضيح المعاني بتفتيقها إلى معان جزئية ليسهل فهمها.
وقد شاعت ألفاظ وتعبيرات في اللغة العربية بعد أن تناقل الناس أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم منها: "هُدْنَة على دَخَن وجماعة على أقذاء"[3]. "الآن حمي الوطيس"[4]. "لا يلسع المؤمن من جحر مرتين". وإذا كانت الألفاظ التي يستعملها الأديب المسلم في أدبه هي من خيار ما يحفظ من النصوص فإن ألفاظ الأحاديث الشريفة وتراكيبه وتعبيراته برزت في الأدب الإِسلامي لأنها من محفوظات الأدباء سواء كانوا خطباء أو شعراء أو كتاباً، فقد رقت ألفاظهم وعذبت أساليبهم.
والأدب إنما هو ألفاظ مختارة، وتراكيب متقنة، وأساليب مجودة، ومعان مؤثرة، فإذا بحث الأديب عما يعينه في صنع أدبه فلا شك أن الحديث الشريف يعد مصدره الثاني بعد القرآن الكريم، فالشعراء وسعوا معارفهم عن طريق حفظ الحديث وروايته والاستفادة من ألفاظه وتعبيراته ومعانيه، فهو مصدر إلهام لهم يستمدون منه معانيهم ويعتمدون عليه في ثقافتهم الإسلامية، والخطباء استفادوا من معاني الحديث وأساليبه فاستقامت ألسنتهم وقويت حججهم. والكاتب يستمد كثيراً من موضوعاته من الحديث، فهو يدعم رسالته بمعانيه وبعباراته أحياناً. وبناء على ما تقدم يظهر لنا أن أثر الحديث في اللغة والأدب ملاحظ في لغة الأديب، وفي أسلوبه ومعانيه.
أســئلة:
1- في أي شيء يتمثل إعجاز القرآن؟
2- بين أثر القرآن في اللغة والأدب.
3- قارن بين أثر القرآن في الأدب وأثر الحديث.
[/flash]
الحديث الشريف هو ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو قام به من عمل أو أقر بما قيل أو عُمل أمامه صلى الله عليه وسلم. والأثر هو ما روي عن الصحابة من وصف لخلق الرسول صلى الله عليه وسلم أو عمل من أعماله.
والحديث النبوي الشريف هو المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم، وهو المبيِّن للقرآن العظيم فكثير مما ورد في القرآن يوضحه الحديث مثل الصلاة والزكاة، فلولا الحديث الشريف لما استطعنا أن نقف على كيفية الصلاة أو إنفاق الزكاة.
بلاغته:
هناك اتفاق تام على أن الأحاديث المتواترة والمروية بألفاظها عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي آية في الفصاحة والبلاغة وقمة في البيان، فكثير من هذه الأحاديث تجمع المعنى الكثير تحت اللفظ القليل.
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي صالحاً أمرها ما لم تر الأمانة مغنماً والصدقة مغرماً" فتحت هذا اللفظ القليل المعنى الكثير، فمتى ساءت أمور المسلمين وأصبحوا لا يؤدون الأمانة وينظرون إلى الزكاة على أنها تنقص أموالهم فهم لا يؤدونها إلا خوفاً من الجباة، إذا وصلت أمور المسلمين إلى هذا الحد فقد فسدتْ أمورهم. وأسلوب هذا الحديث أسلوب مختصر مسجوع. وقوله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت فسلم" فهذا الحديث يشتمل على معان كثيرة لو أردنا أن نشرحها لطال بنا الكلام ولكن إذا تذكرنا أن اللسان هو الذي يجني على الإِنسان عرفنا فائدة هذا الحديث.. وللسجع أثر واضح في أسلوبه فقد أسهم في تأثيره في من يستمع إليه أو يقرؤه.
والذين يستمعون إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يؤخذون بروعة البيان ودقة التعبير وسلامة الألفاظ وجودة العبارة، فلا هو الأسلوب المعمى ولا المبتذل السوقي، وإنما يتدفق من فيه صلى الله عليه وسلم كالسيل المتحدر في مجراه بدون جلبة ولا ضوضاء، تحيطه روحانية النبوة وتسبكه عبارات أفصح العرب صلى الله عليه وسلم، وخير شاهد على ما نقول هو قوله صلى الله عليه وسلم "إن أحبَّكم إلي وأقربكم مني مجالسَ يومَ القيامةِ أحاسنُكم أخلاقاً الموطَّئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون. وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني مجالسَ يوم القيامة الثرثارون المتفيهقون"[1] ولا غرو أن يتصف أسلوبه صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فالنبي صلى الله عليه وسلم ينتمي إلى أفصح القبائل العربية وهي قبيلة قريش وقد تربى في بني سعد، وقد سأله أَبو بكر رضى الله عنه بقوله: لقد طفت في أحياء العرب فلم أسمع من هو أفصح منك فمن أدّبَك؟ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم: "أدبني ربى فأحسن تأديبي"[2].
وقد كانت الوفود تفد على النبي صلى الله عليه وسلم فتستمع إليه فيعودون إلى بلادهم وهم مأخوذون بروعة بيانه وجودة ألفاظه. وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب كل وفد بما يعرف من لهجته التي اعتاد عليها ولا شك أن هذا نوع من البلاغة؛ فمخاطبة الناس بما يعرفون هي البلاغة الحقة؛ فالبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته. والرسول صلى الله عليه وسلم وإن خاطب هؤلاء بغير لغة قريش فإنه يوضح لهم الإِسلام باللغة التي يفهمونها. وبلاغة الأحاديث النبوية شهد لها المسلمون عامة بأنها تأتي في الدرجة الثانية بعد بلاغة القرآن.
أثره في اللغة والأدب:
النبي صلى الله عليه وسلم ينتسب إلى قريش وتربى في بني سعد فأخذ اللغة صافية من منابعها، فكان لفظه صلى الله عليه وسلم يمثل نقاوة اللغة وخيار ألفاظها، وقد تناقل الصحابة أحاديثه الشريفة فتأثروا بها ثم خرجوا للجهاد فنشروها في أرجاء المعمورة فتنوقلت الأحاديث من قبل المسلمين في العراق والشام ومصر وخراسان وغيرها من البلاد.
وقد أسهم الحديث بجانب القرآن الكريم في نشر اللغة العربية وتعليمها للمسلمين من غير العرب لأنهم أصبحوا يحفظون الأحاديث. ثم نشأت الدراسات المعتمدة على الحديث من شرح له وتوضيح غريبه والبحث في رجال سنده وتلك الدراسات وسعت دائرة اللغة في الاشتقاق وشرح الغريب بلفظ مرادف وتوضيح المعاني بتفتيقها إلى معان جزئية ليسهل فهمها.
وقد شاعت ألفاظ وتعبيرات في اللغة العربية بعد أن تناقل الناس أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم منها: "هُدْنَة على دَخَن وجماعة على أقذاء"[3]. "الآن حمي الوطيس"[4]. "لا يلسع المؤمن من جحر مرتين". وإذا كانت الألفاظ التي يستعملها الأديب المسلم في أدبه هي من خيار ما يحفظ من النصوص فإن ألفاظ الأحاديث الشريفة وتراكيبه وتعبيراته برزت في الأدب الإِسلامي لأنها من محفوظات الأدباء سواء كانوا خطباء أو شعراء أو كتاباً، فقد رقت ألفاظهم وعذبت أساليبهم.
والأدب إنما هو ألفاظ مختارة، وتراكيب متقنة، وأساليب مجودة، ومعان مؤثرة، فإذا بحث الأديب عما يعينه في صنع أدبه فلا شك أن الحديث الشريف يعد مصدره الثاني بعد القرآن الكريم، فالشعراء وسعوا معارفهم عن طريق حفظ الحديث وروايته والاستفادة من ألفاظه وتعبيراته ومعانيه، فهو مصدر إلهام لهم يستمدون منه معانيهم ويعتمدون عليه في ثقافتهم الإسلامية، والخطباء استفادوا من معاني الحديث وأساليبه فاستقامت ألسنتهم وقويت حججهم. والكاتب يستمد كثيراً من موضوعاته من الحديث، فهو يدعم رسالته بمعانيه وبعباراته أحياناً. وبناء على ما تقدم يظهر لنا أن أثر الحديث في اللغة والأدب ملاحظ في لغة الأديب، وفي أسلوبه ومعانيه.
أســئلة:
1- في أي شيء يتمثل إعجاز القرآن؟
2- بين أثر القرآن في اللغة والأدب.
3- قارن بين أثر القرآن في الأدب وأثر الحديث.
[/flash]